Tre poesie in Jadaliyya, rivista dell'Istituto di studi arabi in USA – Traduzione in arabo: Amarji , 10 aprile 19 davanti al morto أمامَ الميِّت أنت الشَّيء الأكثر سفوراً على وجه الأرض وفي الوقت نفسه الشَّيء الأكثر غموضاً. أتقصَّصُ رَسْمَك. محرابَ محجرَيك. قبَّةَ المحرابِ الممتلئةَ بِشَرٍّ يُجاوزُ كلَّ الأبعاد. أستجلي رَجْعَ الدَّمِ الذي طفا على السَّطحِ في آخر ارتقاءٍ له. أرجوانٌ، مُغرةٌ، أغشيةٌ قرمزيَّةٌ تحتَ الجلد. أستجلي الرَّجفةَ غير المكتملة تحت عظم الوجنةِ اليُسرى. والمكتملة، كبعضِ بُقَع الشُّحوب، تحت اللَّوح الكتفيِّ المرهَقِ إلحاحاً.
خطيئةَ غطرسةِ النِّهاية. أتبيَّنُكَ مشهداً مستقبليَّاً. استهلالاً لاستفاقةٍ كاملة.
مذبحُ جبهتك نقيٌّ في ختام الهواجس. مُختَتَمٌ. أنظرُ أيَّ جسدٍ يأتي بعد الجنوح إلى ولادةٍ جديدة. أتبيَّنُ أنَّكَ تولَدُ من جديد. مُختَتَماً. أغنيةً نقيَّةً لِما يذبلُ ويتحلَّل. انغماساً نقيَّاً. زغبٌ أبيضُ على أحبالك الصَّوتيَّة. عفنٌ أخضرُ في طيَّاتك الصَّوتيَّة، والعظمُ العقبيُّ مبتلٌّ بعشبٍ مُزرَقٍّ، والسَّلامُ الأكبرُ في قوقعةِ جمجمتك. كلُّ جنوحك إلى النِّسيان جارٍ مجراه. أتبيَّنُ أنَّ كلَّ شيءٍ صارَ نشوةً وأنتَ صرتَ النَّشوةَ التي كنتَ تشتهي، نشوةَ اللَّاانطفاء بعد اليوم.
جِيريَّة. أنتَ النِّهايةُ فحسب. ووحدها النِّهايةُ لانهائيَّة. أنتَ قناع العزلةِ فحسب. الآنَ تُختَتَمُ الدَّائرةُ الأوَّليَّة، دائرةُ ثعبانِ الانفصال.
*** aria del muro e della crepa المقطوعةُ العاطفيَّةُ للجدار والثُّلمة جدارٌ أنا ولكن معكِ، حتَّى المادَّةُ تحلم.
عرفَ كلَّ شيءٍ عنِّي.
ابتسمَ الموتى كما لو أمامَ فيضٍ، كلُّ شيءٍ نسيَ أن يموت وبرقُ السَّكاكين انقطعَ في الأزقَّةِ الموحشةِ حيث رأيتُ عِظامَ الإنسان في ذلك الصَّباح المحايدِ[1] ومُذَّاكَ لم تعد المادَّةُ الكامدةُ التي يطرحها الموتى مجرَّدَ بركةِ أوحالٍ تتوسَّعُ ليغرق فيها كلُّ شيءٍ – كلُّ شيءٍ عدا ذلك الصَّبيَّ الرَّقيق والسَّريع كابن عُرس.
يحلمُ بفمك لأنَّه لا بدَّ أن نعرف من البداية أنَّ الإنسان يختمرُ هكذا كما يختمرُ كيسٌ من القمامة.
أنا أعمقُ من الحُبِّ أنا البشاعةُ والنِّسيان أنا الشَّيءُ الذي انثلمَ من الحُبِّ. أنتِ الشَّقُّ في قلب الشَّيء.
*** gioia فَرَحٌ الذَّكاءُ الكهربائيُّ الذي يوحِّدُ ذرَّاتِ الجسد وذرَّاتِ الكرسيِّ التي يجلسُ عليها الجسدُ هو فَرَحٌ
التَّمدُّد والاقتران خارجَ المجرَّة. فَرَحٌ هو الدَّويُّ الذي يقرعُ النُّجومَ ببعضها، لكي تشكِّل نقيضَ المادَّة الذي يحملنا حيث لا يوجد وزنٌ وحيث يكون الموتى بجوارنا، على مقربةٍ من الأقلَّاء الذين سنحبُّهم إلى الأبد
لا أحد، في أيِّ مكانٍ، وأيِّ زمانٍ، يمكن أن يُفقَدَ إلى الأبد. Cinque poesie sul sito del giornale Libanese "Il Giorno" | Traduzione in arabo: Amarji – 15 dicembre 2018
شاعرة وكاتبة مسرحيَّة إيطاليَّة من مواليد ميلانو 1964، مقيمةٌ في روما، وتعمل مؤدِّيةً مسرحيَّةً، كما أنَّها مُعدِّة ومقدِّمة برامج ثقافيَّة في إذاعة RAI Radio 3، وناقدة أدبيَّة في مجلة “Poesia” العالميَّة وفي صحيفة “Il Manifesto”. من مجموعاتها الشِّعريَّة: "صخرةُ المواجهة" (1998)، و"القرد الضَّال" (2003)، و"كما لو بعَزمِ رَسَنٍ متوقِّد" (2005)، و"الآلةُ المسؤولة" (2007)، و"على فمِ الجميع" (2010)، و"صنيعُ حياةٍ مولودة" (2010)، و"الميلودراما اللانهائيَّة، روايةٌ زائفة مع ڤيڤاڤوكس" (2011)، و"سلسلة أحفوريَّة" (2015)، و"أنا الآخرون" (2018). حازت على العديد من الجوائز منها جائزة بازوليني (2003)، وجائزة نابُّولي (2010). * * * [مِن ديوانها "سلسلةٌ أحفوريَّة"، 2015] (1) استحضارُ الفجر evocare l’alba أأنا التي توقظك؟ هذا الشَّيء الطَّريُّ هذا الدِّفء البشريُّ الذي يخرجُ منك أهو مصوغٌ بالكامل من كلماتي أم أنَّه كان موجوداً من قبلُ وهو الآن يجيبُ نداءَها؟ أنت موجودٌ وتعمَى عن ذلك أنت أصلُ هذا الشَّكلِ المصوغِ من الجمال النَّاطق الذي يُقَدَّمُ، ممزوجاً بجمالك الحيِّ والشُّكوكيِّ، والمنبعِث. (2) رسالةٌ تخيُّليَّة lettera immaginaria حيثُ كنتُ من لحمٍ، كان من عاجٍ لحمي (بيير باولو بازوليني) أيُّها الفجرُ الذي من لحمٍ طريٍّ ملتصقٍ بالهيكل العظميِّ للكلمة وفي شهر نوفمبر الحزين يبكي أحزانَه كلَّها ضُمَّني بقوَّةٍ، خارجَ حدوديَ البشريَّة ضُمَّني كأنَّكَ أمٌّ تضمُّ طفلَها المتخيَّل في حلُم. (3) مراراً وتكراراً ancora e ancora أمجِّدُ خطوَكَ الذي كخطوِ طائرٍ صغير، أمجِّدُ شرودَ رأسك اللَّطيفَ والقانطَ، بينما أتمدَّدُ فوق الخراب، رافعةً للمعبد حصناً من هذا الجسد الذي لم يَعُدْ حياةً داخلَ حياتِك، وأنتَ تأتي، تصيرُ جزءاً من صمتِ المعبد، فيما تتقشَّرُ حياتي من ظلِّها، أتراها؟ أترى كيف تخرجُ مثلما من جُهمةِ الأرض يخرجُ الألمُ البشريُّ الذي لا يؤبَه له وهي لا تريد سوى يديك، سوى ذراعَيك الكادحتَين اللَّتين تفتحهما مرَّةً أخرى، تحت فلقةِ شمسٍ هشَّةٍ، لتعزِّي الطِّفلةَ التي كنتُها ذاتَ عهدٍ بعيد؟ (4) إلى الأبد، إلى الأبد، إلى الأبد... per sempre, per sempre, per sempre… أودُّ لو أنَّك ترتدي تلك البدلة التي اشتريتَها ذات يومٍ من أيَّام تمُّوز بعد أن قلتَ أحبُّكِ أنا أيضاً أودُّ لو أنَّك ترتدي تلك البدلة لأجلي، للمرَّة الأخيرة، وبعد ذلك، أودُّ لو أندمج بالأرض فلا أستريح إلَّا حيث هي تستريح (5) العندليب l’usignolo كان ثمَّة عندليبٌ هنا. ما كان ينبغي له أن يكون هنا، ولكنَّه كان هنا. وقد غنَّى طويلاً. كنتُ أنا أغنِّي أغنيتي الصَّغيرة الصَّامتة وكان هو يغنِّي أغنيته. لا أحد يدري لمن كان يغنِّي، ربَّما استطابةً للغناء فحسب. دونما هدفٍ، دونما انتصار. متوقِّداً بحياةٍ لا يوازيها غير غنائه. وهكذا أنا، يا صديقيَ الفجر، أحاول أن أجعل حياتيَ ترقى إلى مستوى الغناء. هذه هي بَليَّتي وهذا هو اغتنائي. لقد ألبستُكَ بأجمعكَ أغنية حبِّي لقد رفعتُكَ بأجمعكَ، مثلَ عشبةٍ آذاريَّةٍ تشقُّ تربةَ الشِّتاء، مثل نهيق أتانٍ وسط أزهارِ مشطِ الرَّاعي، أو مثل الشَّريط الجناحيِّ الأصفر لطيور السَّماء. أنفاسُكَ انصاعَتْ. جسدُكَ انصاعَ لغنائي. ثمَّ عاد إلى حدِّه. ولكنَّ العندليب، خارجَ الوقتِ وخارجَ أرضِ إفريقيا السَّاخنة، يغنِّي هنا، في قلب الشِّتاء الغربيِّ يغنِّي، يسترسلُ، يتمادى.
خاضعةٌ، كما ترى، للزمن ماريّا غراتسيا كالاندروني تمرينٌ بسيطٌ على الحرِّيَّة un semplice esercizio di libertà واحداً تِلْوَ الآخر، مآبرُ الأزهار انظرْ، العالَمُ مكتملٌ وموفور، انظرْ إلى الأشياء بروحكَ أنتَ، يا مَن أنتَ في حدِّ ذاتك عالَمٌ، انظرْ ثمَّ انظرْ إلى الأزهار ترَ أكوابَ اغتذاءٍ حمراءَ، وصفراءَ، اشربْ، صِرْ قويَّاً ها أنت تنظر الآن تصيرُ أنت السَّماء تصيرُ نهاراً عذباً من نهاراتِ أيلول ■ ■ ■ إنَّه الخضوعُ ما ينجِّي كلَّ كائن solo il cuore alla terra (la scimmia-fiore) في حالات الطَّوارئ يستخدم الجسمُ بروتينات عضلاته نفسِها ويدا الضَّحيَّة تلتصقان بالتُّراب كأنَّهما الفُضالةُ الشَّحميَّةُ الأشبه بنارٍ طُرِحنا فيها: ورودٌ كبيرةٌ في أيدينا خاضعةٌ، كما ترى، للزَّمن ■ ■ ■ القلبُ وحده بمحاذاةِ التُّراب (الزَّهرةُ-القِرْدَة) ovvero il sì che salva ogni creatura .1 ترين قوسَ الأوتارِ العضليَّةِ ترين القرود ترين مكوثها 2. هل سيجرؤ على قول كلمة؟ فوق هذه 3. جسدي مذبحٌ من طين حتَّى لو كانت النِّهاية لانهائيَّةً أحملُ سقمَ
بسبب شعاع بعد انفصال نجمة أُمّ * نيسان 2014 الثمار المهجورة بينما كنتَ تهجرُني شكل أصهب غير قابل للتدجين بينما كنتَ تهجرُني حولنا، كانت الحديقة كلّها تتجدّد ها أنذا. عدت إلى عرين الوحش 21 /7 /2015 لن تملكي شيئاً سوى الحياة لم يُعثرْ على أثرٍ للحذاء كانت تتوهّج مثل رُقاقة خبز في المادّة الدمعيّة للمساء المتأخرّ– رأسُها عالقٌ بين الشجيرات والتكرار الشرس للدورات (من "المفقودون"، 2016) بطاقة من مؤلّفاتها: "القرد المتشرّد" (2003 ، جائزة بازوليني للعمل الأوّل)، "الآلة المسؤولة" (2007)، "على كلّ فم" (2010)، "فعل حياة ناشئة" (2010)، "الحياة الواضحة" (2011). نشرت نصوصها في أكثر من أنطولوجيا ومجلّة أدبيّة في بلدان عدة، من بينها أنطولوجيا "شعراء إيطاليون جدد 6" (إيناودي، 2012) * ترجمة عن الإيطاليّة: مصطفى قصقصي حديثُ الزَّيتون
سوفَ أتجاسرُ على إغواءِ الله بِعُزلتي وسطَ حقلِ جتسماني، انتقاماً للابنِ الذي فاقَ كلَّ العزلاتِ البشريَّة في الإذعان للأب، الابنِ القربانيِّ المبذولِ الذي خبَّأ في قلبِه أشفارَ الشَّكير. [ههنا] فيما أنتم نائمون كنتُ أحُفُّ نفسي بغراسِ الزَّيتون أقلِّدُ العزلةَ اللحائيَّةَ الصَّارمة للنَّباتات، أهيِّءُ جسدي على مِثالِ الأشجار، أرفعُ جسدي خشباً على خشب حتَّى لا نُواحَ يشتِّت وحدتي البشريَّة التي تُتِمُّ نُواحَ الابنِ المهجور. هوَ ذا. أنا وحيدٌ، يا أبتِ، ولا أستطيعُ احتمال الهَجرِ أكثر.
صعودُ الذَّبيحة في زهرتِها الخِتاميَّة
ها أنتَ! تتأمَّلُ بُنيتَها التي تتفتَّح إذ تنطلقُ دفعةً واحدة من الجذرِ إلى الزَّهرة وتقولُ: أنا لا أفهمُ الوقتَ لكنِّي الآنَ أعرف كم هوَ صَلبٌ وحاسمٌ [فِعلُ] الإزهار وتقول: سوف أحملُكِ كما يُحمَلُ بيرقٌ ختاميٌّ وتقول: أرى أنَّكِ من بينِ جميع التَّفتُّحاتِ لا تُشبهينَ شيئاً، ولا حتَّى الشَّيءَ المُدارَ عليَّ برأسٍ من الدَّمِ مؤازرَاً بفمِ التَّبذير المتشكِّلِ لأجلِ أن يُهدَرَ بعويلِ العِشق فيما العينُ الضَّئيلةُ السَّاطعة في المنتصف تُذيع تقسيمَ الأدوارِ العطريَّة دونَ ألم وتقول هي: الآنَ افعل بِبَياضي المرمريِّ ما تشاء، دع لِحنوَّاتي الفائضة أن تتكثَّفَ في غرفةٍ واحدة مِن الحجَرِ الصَّافي تحتَ الشَّتيمةِ المجيدةِ للشَّمس، دعني أُجاري عافيةَ الأشياءِ وتمامَها كي تجدني، آنئذٍ، كمثلِ صُوَّانٍ مُسطَّح ينقرُ فيهِ نجمٌ قُطبيٌّ، دعني أحتوي مِهبَطَ الأشعَّة بسرَّانيَّةٍ أصليَّة ودع لِصلابَةِ جسدي أن تتبدَّدَ في عَجيجِ العَنزِ والنِّعاج ثمَّ ترتقي،- وسطَ النُّجومِ العَليَّةِ المتآكِلة بَينا يَقطرُ وجهي بالبرونز مثل زنبقةٍ مائيَّة- جزيرةَ الحديدِ، والماسِ الأسودِ والورودِ الصَّلبةِ كالقذائف، دع الحَجَر يختبرُ صوتَه الآدميَّ، دع النَّقشَ الصَّخريَّ يصرُخُ في المفترِس وفي ظلِّه الممدودِ على الأرضِ: اترُكني! أحيا، اترُك دمي يحيا، اترُكني مُنغَطَّةً معَ براعمِ الدَّمِ دونَ عقيدةٍ في العُري الباردِ للبحر، اترُكني حيثُ بدأنا، وعلى [تخومِ] خِتامِنا: آه، يا لَصخبِ الماءِ على الحديد المُفَولَذ الذي كُنتُه، أمَّا وقد تشظَّيتُ الآنَ في الجَمهرةِ الخفيفة فلتكنْ بقايايَ أطوافاً لنجاتِك.
قَداسَةٌ وَقتيَّة
عذبةٌ هي ضوضاءاتُ الليل، عذبةٌ ونقيَّةٌ أصواتُ ما وراءَ الجدار، عذبةٌ طرقعاتُ قُرَمِ الوقيدِ المُهيَّأة للانطفاءِ مثلما ينطفئُ كلُّ شيءٍ إذ يتمطَّى عضلُ الوركِ متَّسِقاً معَ وحدتِه عذبٌ كذلك شَحْطُ الشَّرشَفِ على حَرفِ الكاحِل وسطَ مجزرةِ النُّعاسِ الخفيفةِ، الحارَّةِ، والمعهودة عذبةٌ هيَ الوُصلَةُ التي تُعلِّلُ اتِّحادَ الجسد فيما يتأمَّلُكِ الشَّابُّ الأسودُ العَينين وحيواناتٌ مُغتبطة تجوزُ المَشتلَ الرُّباعيَّ في الخارِج، والسَّماءُ كُهرُبيَّة، قطعةُ كوبالتٍ أزرق ذلك أنَّ الحبَّ بعدَ كلِّ هاكَ التَّمزيق لا يزالُ كاملاً- يُطلِعُ زهوراً كبيرة بحجمِ النَّيازِك.
مُلاحَظة. لا غُفران.
في بابِ كلِّ مِحرَقةٍ، حولَ مواضِعِ سقوطِ أقراصِ السُّمِّ، ثمَّةَ هذا الخواءُ المُخالفُ للعقلِ والذي لا يُمحى أبداً. كانت رغبتُنا هي أنْ نُخالِفَ كلَّ ذلك اللحمِ التَّبذيريِّ الجميل المُشتهي الحياةَ اشتهاءَ الشَّجرةِ لها. غير أنَّهم وقفوا بارِدي الأعصاب: يتأمَّلون فحسب فيما كانت حياةُ الآخرين تتلاشى تحتَ أعينِهم كمثلِ كُدْسٍ من شجرٍ يُحرَقُ واقفاً – ولْتَعلمْ، الخشبُ البشريُّ يَحترقُ على أحسنِ مِثال. لا شيء ثمَّةَ، سوى زوايا قسوةٍ حيثُ تتصفَّى الرِّيحُ وهذه النَّارُ التي تقبضُ على كتفيَّ بَينا تتقطَّعُ حِبالُ حَنْجَرتي مِن كَدِّ استصراخٍ، ذلك أنَّه كان لا يزالُ لي مِن زادِ جسدي تَبَقٍّ: آليٌّ هوَ فِعلي، آليٌّ، نَشِفٌ، وحَربيّ: لكأنِّي مريضٌ في وضعِ الدِّفاع، بينَ أكوامٍ مِن فَراشي، ونَظَّاراتِ، وضفائرِ امرأةٍ مُلقاةٍ لتتجفَّف. أجل، في المبدأ، هم فكَّروا بالانتفاعِ الكلِّيِّ من الأجساد: فكانَ الشَّعرُ يُنسَج؛ ومن الجلدِ كانت تُصنَع سواترُ الإضاءة وبِطاناتُ الأرائك لأجلِ مساكنِ الضُّبَّاط. هي محضُ رذيلةٍ صغيرة يُقالُ لها الحِفظُ- كلحمِ الخنزيرِ، لا يُرمى مِنه شيءٌ: لا الأسنان، ولا حتَّى العِظام (كانَ معلوماً آنذاك أنَّ المُعقَّدَ البشريَّ ينفَعِلُ على مِثالِ ذاكَ الخِنزيريِّ). كانت عِظامُنا زِبلَ تسميد. وكانت الأرائكُ، في النِّهاية، تفيض، فتُحرَقُ إذَّاكَ مع الجلدِ وسائرِ الأعضاء. وما كنتُ لأصدِّقَ أنَّ هذا هوَ عملُ الإنسان. إنِّي لَأشدُّ عَمَىً مِن الجمادِ إذنْ، أنا المصنوعُ غَرَضاً ما: - فرشاةً، قلمَ رصاصٍ، مِحفَظةَ نقود. وحيداً في الليلِ أكابدُ تلكَ الظُّلمةَ بِمُعزلٍ عن البشر، أفكِّرُ: أنا هوَ العِبريُّ الأخير، أنتظرُ الآنَ الصَّباحَ، أنتظرُ الآنَ الألمانَ، هذا الجِنسَ المُهلِك.
مِن عَقلِ القرد
في قلبِ صرختي الأليمة، [يتوهَّجُ] حِيادُ المخطمِ البهيميِّ. ها أنا واقفٌ –أيُّها الشِّعر- لحماً مُختزَلاً. ها أنا واقفٌ. هو ذا المخطمُ الحياديُّ، قَويمٌ وصافٍ في وجهِ البهيمة. ها أنا واقفٌ. منذ بدءِ العالَم. واقفٌ حتَّى اختتامِ العالَم. واقفٌ. وسطَ لولبِ الدَّمِ. واقفٌ. حيواناً في أوَّلِ مُثولٍ على الأرض. ذبيحةً تترقَّبُ. مثلَ برعمٍ داخلَ حَرشٍ من أغصانِ الشَّوك أتوهَّجُ. مثلَ زهرةٍ ذهبيَّة.
al-ahbar 16.7.2016 ماريا غراتسيا كالاندروني: الشعر مثل الحب ينقلنا إلى «مكان آخر» أجرى الحوار وترجمه: أحمد لوغليمي ماريا غراتسيا كالاندروني (ميلانو، 1964، تعيش حالياً في روما): شاعرة، ناقدة أدبية، صحافية، ممثلة ومؤلفة مسرحية وسينمائية، منشطة إذاعية في قنوات ثقافية إيطالية. من أعمالها «حجر الموازنة»، «النسناس الهائم»، «كأن بلجام مضطرم»، «المكنة المسؤولة»، «على فم الكل»، «حركة حياة تولد»، «الحياة الصافية»، «متوالية أحفورية». وأصدرت في النثر: «شجرة التفّاح اللامتناهية»، «إنقاذ قابيل»، «غرنيكا، شذرات شعرية عن الحرب الأهلية الإسبانية». ما جذبنا لمحاورة هذه الشاعرة المتعددة الوجهات، هو تكريسها لعمل شعري ـ نثري باذخ، للحُبّ. الحبّ، هذه القوة الخارقة، التي تتفوق على أسلحة الدَّمار الشامل، التي تسميها جوليانا كونفورتو «القوة النووية الرّقيقة». العاشق في نظرها يتحدث لغة الخلود من دون مكان ولا زمان، لِذَا لا يرتاح في حاضر هذا النوع من المجتمعات التي نحياها. العاشق يُشكّل خطراً على منطق الرأسمال، ومعادلات الربح والسوق، لأنه يرمي القفازات في وجهها، ويستغني عن كل شيء. قوة الحبّ تتجاوز الحاضر الذي نسميه حقيقة، الحقيقة التي ــ من حيث أنها ليست سوى تصادف زمان معين بمكان معين ــ لا وجود لها. بالعشق كل شيء يصير جلياً، حياً، بهياً وغنياً بالمعنى. في الشعر، ترى ماريا غراتسيا أن الأبيات تنبعث من سمو ورهافة الإحساس، وتنتهي بأن تصير عاطفة وحُنوّاً، أو إحساساً جمعياً، مثل يَدَيْ الأمّ اللتين تحمياننا في الطفولة، الشعر ينقذ الناس والأشياء من اللامبالاة والبرود. يساعدنا على البقاء بشراً، على الإحساس بوجع الآخرين، وحب الآخر كما نحب أنفسنا. الشعر يجعل الناس أقل تعاسة، ويجعل تعاستهم في المستقبل لا تؤذي الأشخاص الذين يحفّونهم. إنه الحصاد الجمالي الذي يُرْدِي المستقبل أفضل. الشعر أيضاً هو حفنة كلمات، نلقيها على فراغ ما، لاستعادة ما فقدناه، إما بسبب الموت، أو بسبب الهجْران. الشاعر لا يرغب في عرض نحيبه، هو فقط، يُحيل خلاصة كيمياء وجعه الخاص، إلى جمال تحت تصرف الآخرين. تقول ماريا إنّ «الفيلاستروكّا» (ترنيمة مقفاة قصيرة للأطفال) ترنّ مثل una Ninnananna مُهَدْهِدَة (أغنية لتنويم الأطفال)، المُهَدْهِدَة تسكّن وجعنا وتؤنسنا لأنها تحاكي إيقاع نبض قلب أمّنا حينما كنا ما نزال ضيوفاً على جسدها قبل الولادة... من هنا جاء الشعر. هنا حوار معها: ■ حياتكِ الثقافية ثرية جداً، أنتِ شاعرة، فنانة ومؤلفة مسرحية، مترجمة، منظمة لقاءات ثقافية، منشطة برامج ثقافية على راديو «راي 3»، ناقدة أدبية في يومية «البيان il manifesto»، وفي المجلة العالمية «شعر poesia»... ولك أنشطة أخرى عديدة يضيق المكان لذكرها... لنبدأ من الشاعرة والشعر، منذ متى اكتشفت سحر الشعر والكتابة؟ ■ ما هو الشعر بالنسبة لكِ؟ ■ ما نجاعة الشعر في العالم؟
■ هل يستطيع الشعر أن يغير العالم؟ ■ أصدرت كتباً عديدة، ومئات المقالات... كما قمت وتقومين بنشاط طريف في اعتقادي: تنظيم ورشات مع تلامذة المدارس، طلبة الجامعات، نزلاء المصحات النفسية (مرضى ألزهايمر) والمساجين... لتحببيهم بالشعر وتحفيزهم على كتابته. هل يمكننا أن نعلّم الآخرين كيف يصبحون شعراء؟ وما الذي استخلصته من هذه اللقاءات؟ ■ بما أنك تشتغلين في الصحافة الثقافية، وسبق أن نشرت أنطولوجيات شعرية، وتعملين كناقدة في المجلة العالمية «شعر»، فكيف تُقيِّمين ـ من موقعك ـ الشعر الإيطالي المعاصر؟ ■ كتبتِ أيضاً الرّواية. ما الذي أضافه النثر للشعر وما الذي منحه الشعر للنثر؟ ■ كتابك «متوالية أحفورية Serie fossile» يتحدث عن الحُبّ، فلسفة جميلة للحُبّ، أمر طريف جداً وجذاب. كيف تتحدثين فيه عن العشق والعاشق، فلسفتك تدنو في بعض الأحيان من فلسفة الشرق والصوفيين عندنا... حدّثينا قليلاً عن هذه الرؤية؟ ■ ماذا يحدث ـ لنا ـ حينما نحبّ؟ ■ تُرجمتِ إلى لغات عديدة: التشيكية، الفرنسية، اليابانية، اليونانية، الروسية، الانجليزية، العربية، الرومانية، الصربية، الألمانية... كما تَرْجَمتِ أنت أيضاً شعراء عديدين إلى الإيطالية، هل يمكن أن نترجم دون أن نخون؟
■ كتبت أيضاً قصيدة الهايكو وسبق لك أن فزت بجائزة المعهد الثقافي الياباني عام 2012، متى اكتشفت هذا الشكل الشعري وكيف تحددينه؟ ■ ما هي الكتب التي تركت أثراً في ماريا غراتسيا كالاندروني؟ ■ أفلامك المفضلة؟ ■ شعراؤك المفضلون؟ ■ ما الحياة؟ ■ الموت؟ ■ الشعراء؟ ■ الحيوانات؟ ■ الفن؟ ■ أين يكمن خلاص الإنسان؟ ■ الترجمة؟ ■ المرأة؟ ■ الرجل؟ ■ المسرح؟ ■ الليل؟ ■ ميلانو؟ ■ ماريا غراتسيا كالاندروني؟ [أربع قصائد هايكو] ـ 1 ـ ـ 2 ـ ـ 3 ـ ـ 4 ـ [ قصيدة] كان يقول كان يقول دائماً: قولوا لها بأن فمها قولوا لها بأنها كلمات العدد ٢٩٣٦ السبت ١٦ تموز ٢٠١٦ |
Cerca nel sito
|